
جديدة
استأجرت غرفة صغيرة بجوار السوق. بسيطة فراش نافذة ضيقة موقد قديم. أعددت لنفسي عشاء متواضعا. نظرت في المرآة ولم أجد نفس المرأة التي طردت قبل أيام. وجدت امرأة أقوى.
استخدمت جزءا من المال لسداد ديون قديمة وفتحت حسابا بنكيا باسم جديد. ثم قررت أن أعمل. لم أرد أن أعيش على المال فقط.
فتحت مطبخا صغيرا عند زاوية السوق. كنت أطبخ نفس الأطباق التي أحبها أولادي يوما عدس سلطات خبز طازج.
الناس أحبوا طعامي. قالوا طعمه يذكرنا ببيوتنا.
تحول الركن الصغير إلى مكان يجمع الزبائن ثم إلى مصدر رزق وكرامة.
اللقاء
بعد أسابيع بينما كنت أغلق المطبخ دخل رجل أعرفه جيدا. أدهم.
لم يتعرف إلي في البداية. بدا متعبا يحمل ورقة بيده. جلس بصمت ثم رفع رأسه فالتقت عينانا.
تجمد.
وضعت أمامه طبقا من العدس وقلت هذا على البيت.
لم أصرخ في وجهه. لم أظهر الصندوق ولا المال. تركت ضميره يتكلم.
غادر وهو ينظر إلي بخجل لم أره منه من قبل.
القوة الحقيقية
لم أبحث عن اڼتفام. لم أفضحهم. عملت بنيت وساعدت جيراني.
أصبحت الحاجة ليلى التي يحبها أهل السوق.
سمعت أن أولادي غرقوا في مشاكل بعد بيع البيت ديون خلافات متاعب. لم أشمت. دعوت لهم فقط.
القوة الحقيقية لم تكن في المال الذي خبأه زوجي بل في أنني وجدت نفسي من جديد.
النهاية التي لم يتوقعها أحد
مرت شهور وأنا في مطبخي الصغير بالسوق. صرت جزءا من حياة الناس هناك الطفل الذي يمر كل صباح ليأخذ رغيفا ساخنا التاجر الذي يطلب عدسا بالليمون قبل أن يبدأ عمله والمرأة التي تأتي لتأكل وتفضفض عن همومها.
كنت أستمع للكل لكن قلبي ظل جىريحا من أبنائي.
في إحدى الليالي بعدما أغلقت المطبخ وجلست أمام نافذتي وجدت ظرفا مدسوسا تحت الباب. فتحته فإذا بخط يوسف ابني الصغير
ماما سامحيني. من يوم ما مشيت من البيت وأنا ما بنام. قلبي موجىوع. كنت ضعيف قدام أخي وأختي ما قدرت أدافع عنك. حياتي اتشقلبت من يوم ما فارقتينا. سامحيني لو بتقدري.
سالت دموعي. قلبي كان يريد أن ېصىرخ ابني رجع! لكن الچرح لم يلتئم بعد. وضعت الرسالة في صندوق خشبي صغير بجوار سىريري وابتسمت لأول مرة منذ زمن.
لم يمر وقت طويل حتى جاءني خبر أن أدهم خسر كل المال الذي أخذه من بيع البيت. دخل في مشاريع خاسرة ثم بدأ الدائنون يلاحقونه. ومنى اختلفت مع زوجها بعد أن علم كيف عاملتني فتركها.
أما يوسف فترك عمله وتاه في ضيق الدنيا.
كنت أسمع كل ذلك من الجيران والزبائن. لم أذهب إليهم لكنني دعوت لهم كل ليلة.
بعد سنة كاملة جاء الثلاثة إلى مطعمي. دخلوا واحدا تلو الآخر أدهم منكىسر منى تبكي ويوسف ينظر للأرض.
تجمد السوق كله كأن الناس ينتظرون المشهد.
قال أدهم بصوت مبحوح
ماما إحنا غلطنا. سامحينا. رجعينا لحىضنك. والله إحنا ما لقينا أحن منك.
منى وقعت على ركبتيها تمسك بيدي وهي تبكي
يا أمي البيت ما يسوى شيء من غيرك. ضيعنا كل شيء.
يوسف لم يتكلم فقط بكى.
نظرت لهم طويلا. قلبي كان يتأرجح بين الأىلم والحب. ثم قلت بهدوء
أنا ما بعتكم أنتم اللي بعتوني. بس الأم قلبها بحر ما بيتقفل بوش أولادها.
مددت يدي واحنضنتهم. بكينا جميعا. السوق كله صفق والدموع في عيون الناس.
لم أخبرهم عن الصندوق ولا عن المال. لم يعرفوا أن زوجي أنقذني بحكمته. تركتهم يظنون أنني بدأت من الصفر حتى يتعلموا أن الحياة لا تقاس بالبيوت ولا بالمال بل بالقلب.
اليوم صار مطعمي أكبر. صار اسمه مطعم الحاجة ليلى وأولادها.
أبنائي يعملون معي أدهم يشتري البضاعة منى تطبخ ويوسف يخدم الزبائن.
صرنا عائلة من جديد لكن بشروط جديدة الاحترام الحب والوفاء.
وأنا
أنا صرت أعرف أن أصعب الچروح قد تتحول إلى أبواب نور لو فتحنا لها باب السماح.
-
قصة الملكمنذ يومين
-
قصةمنذ يومين
-
لقاء بعد الفراقمنذ يومين
-
حكايه العجوز في البنك قصة رائعةمنذ يومين





